يريد الجميع تأسيس عائلة سعيدة متحابة فيما بينها، ولكن هناك القليل فقط من يعرف كيف يبني عائلة سعيدة. وما هي المتطلبات والتضحيات التي يجب أن يقدماها أفراد الأسرة لبعضهم البعض. لذلك سنجيب في هذا المقال عن سؤال مهم وهو: كيفية بناء عائلة سعيدة؟ وما هو مفهوم العائلة السعيدة.
مفهوم العائلة السعيدة
العائلة السعيدة هي العائلة التي يقوم كل أفرادها بالتعاون مع بعضهم البعض للتخلص من المشاكل ومنغصات الحياة. وهي العائلة التي ينعم أفرادها بالحب والسلام ولانسجام مع بعضهم البعض، ويسعى كل أفراد العائلة في الوصول إلى هدف مشترك. ولا يتخاذل أي طرف فيها بالقيام بواجباته الموكلة إليه على أكمل وجه.
إن مفهوم العائلة السعيدة مفهوم شامل يتضمن كل ما هو جميل في العلاقة الأسرية. ويسود الحب والوئام والسلام بين أفرادها. ولبناء عائلة سعيدة فإنه يتطلب تعاون جميع أفراد الأسرة بما في ذلك الأم والأب والأولاد وتفانيهم في خدمة بعضهم البعض والسعي في مصالح الشخص الآخر. وسنوضح في هذا المقال كيفية بناء عائلة سعيدة؟.
كيفية بناء عائلة سعيدة؟
هناك بعض الأمور التي يجب توضيحها والتي يجب أن يتفق عليها جميع أفراد الأسرة ويعملوا بها ليتمكنوا من بناء عائلة سعيدة. ومن أهم هذه الأمور ما يلي:
اختيار شريك الحياة المناسب
قبل أن تفكر في كيفية بناء عائلة سعيدة يجب عليك أن تقوم باختيار شريك حياتك بعناية لتتمكن من تحقيق السعادة الأسرية. حيث يجب أن ترتبط بشريك حياة يتوافق مع أهدافك وطريقة نظرتك للحياة بشكل عام. لتتمكنا من تربية أبنائكما بصورة سليمة وتربوهم على قيم أخلاقية ودينية تتفقوا جميعاً عليها.
إن الزواج بشريك حياة لا يشترك معك في الأهداف تجعل من الصعب للغاية أن تعيش الأسرة في سعادة. بسبب الخلافات الفكرية التي تفرق بين الأسرة وتجعل اجتماعها على أمر واحد مشترك أمراً صعباً.
بناء عائلة سعيدة يتطلب عمل الجميع
يجب أن يتفق جميع أفراد الأسرة على قاعدة أن بناء عائلة سعيدة يتطلب عمل الجميع بلا استثناء. من خلال قيام كل فرد من أفراد الأسرة بالقيام بواجباته على أكمل وجه وتقديم مصالح الآخرين في بعض الأحيان على مصلحته الخاصة. وأن الخلاف يمكن حله بالحوار لا بالعنف والإساءة.
الحياة الزوجية السعيدة
لتتمكن من بناء عائلة سعيدة يجب عليك أن تقوم ببناء حياة زوجية سعيدة مع شريك حياتك، حياة زوجية يسودها الحب والاحترام والتقدير والشعور بالمسؤولية تجاه العائلة، لتكون أنت وزوجتك قدوة حسنة لأبنائكما، لأن الخلافات الزوجية تؤدي إلى حدوث عائلة مفككة أسرياً يسعى كل واحد فيها إلى مصلحته بغض النظر عن مصالح الآخرين.
تربية الأبناء على مراقبة الله
إن تربية أبناءك على مراقبة الله يولد فيهم الدافع للخوف من الله والرجاء في الثواب كما يجعل الطفل لا يفعل المعاصي والمحرمات ولا يعتدي على الآخرين حتى عندما تكون غير موجود، وهو الطريق للسعادة في الدنيا والآخرة.
إن فرض القوانين على أبناءك دون توضيح السبب ومعرفة الثواب أو العقاب يؤدي إلى تهرب الأبناء من هذه القوانين عندما تتوقف عن مراقبتهم أو عندما تكون غير موجود، ولكن إذا تم تربية الأبناء على مفهوم العبودية لله والخوف منه والرجاء في ثوابه، فإن ذلك سيغرس فيهم قيماً حميدة لا تتغير مع مرور الوقت أو مع غيابك.
كما أن العائلة السعيدة هي التي تتبع أمر الله وتحافظ على حقوق الآخرين التي فرضها الله تعالى وأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم، وبدون ذلك ستكون قوانينك بلا فائدة لأنها لا تستند إلى مرجع لا يتغير، بل يمكن تشكيلها بناءاً على حال الأسرة ومتطلباتها، وهذا يؤدي إلى شعور أفراد العائلة بعدم أهمية هذه القوانين.
تقسيم المهام
يجب على رب الأسرة أن يقوم بتقسيم المهام الأسرية بعدل على أفراد العائلة، بحيث يكون الأب مسؤول عن الإنفاق على الأسرة وحمايتها، وتكون الأم مسؤولة عن تربية الأبناء في غياب زوجها والاهتمام بالبيت، وأن يكون الأبناء لهم دور في طاعة الآباء والعناية بأخوتهم.
إن ترك الأمور دون ترتيب يؤدي إلى تهرب الجميع من مسؤولياتهم، لاسيما إذا بدأ الأم والأب بذلك أولاً.
قضاء وقت مع العائلة
يجب أن يخصص الآباء وقت منتظم لقضاء جميع أفراد الأسرة وقتاً خاصاً مع بعضهم البعض بعيداً عن الملهيات مثل التلفاز أو الهواتف النقالة، فعلى سبيل المثال يمكنك تخصيص ليلة في الأسبوع للعب لعبة مسلية يشارك فيها جميع أفراد العائلة بلا استثناء، أو يمكنك تخصيص وقت من كل شهر للقيام بنزهة.
كما يجب عليك أن تربي أبناءك على الفضيلة وحب قضاء الوقت مع العائلة من خلال تنفيذ اقتراحات الأبناء بما يخص طريقة قضاء الوقت مع العائلة.
العائلة تأتي أولاً
لعل من أهم المصطلحات التي يمكنك قراءتها وفهمها جيداً فيما يخص كيفية بناء عائلة سعيدة هي “العائلة تأتي أولاً” ويجب أن يتفق جميع أفراد الأسرة على ذلك، لأنه لابد أن تتعارض مصالح الأسرة مع مصالح الفرد في مرحلة ما، وهنا يأتي دور الآباء لترسيخ مفهوم الأسرة وأهميتها في أبناءهم.
كما يجب على الآباء أن يطبقوا هذا المصطلح بعناية قبل إخباره للأبناء، فمن غير المعقول أن يوافق ابنك على هذا المفهوم ويطبقه وهو يراك تتهرب من الجلوس مع العائلة وحل المشاكل المتعلقة بها.
الحوار والصراحة هما أساس التفاهم
يجب أن تربي أبناءك على أن الحوار والصراحة هما أساس التفاهم، كي لا ينشأ الحقد والبغض بين أفراد الأسرة، بسبب عدم حل المشاكل.
إن الحوار هو البديل الأمثل للعنف والإساءة، فإذا أخطأ فرد من أفراد الأسرة في حق فرد آخر، فيجب أن يجلس الطرفان ويتحاورا لحل المسألة، ويجب أن يكونا صريحين تماماً في مشاعرهما، وهذه هي الطريقة التي يجب عليك أن تعلمها لأبنائك منذ الصغر.
التسامح بين أفراد العائلة
يعتبر التسامح بين أفراد العائلة والتجاوز عن الأخطاء من أهم الأمور التي تساعد في بناء عائلة سعيدة. وهو مفهوم مهم يجب أن يعمل به جميع أفراد العائلة بلا استثناء. لأن التباغض ودوام الخلافات يؤدي إلى تفكك الأسرة بشكل تدريجي.
يجب أن تعلم أبناءك طرق طلب المسامحة ممن أساءوا إليهم. فمثلاً إذا أخطاً أحد أبناءك في حق الآخر فيجب عليه أن يطلب العفو من أخيه. من خلال الاعتذار أو شراء هدية بسيطة أو فعل شيء يسعده.
كما يجب عليك أن تربي أبناءك على مفهوم المسامحة والعفو دائماً. فإذا اعتذر إليه شخص أخطأ في حقه فيجب عليه أن يقبل الاعتذار ويسامح بسرعة. ولا يستمر في العناد والمكابرة والحقد.
الدعاء لأفراد العائلة
يجب عليك أن تقوم بالدعاء لأفراد عائلتك بالصلاح والخير لأن الدعاء سبب في صلاح الأبناء وصلاح الأزواج، حيث قال الله عز وجل {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [سورة الفرقان: 74].
كما يجب عليك أن تشكر الله – عز وجل – أن وهبك عائلة سعيدة وأبناء صالحين. وأن تسعى في تربيتهم بصورة سليمة وأن تكون قدوة لهم لتنعم وإياهم بالصلاح في الدنيا والثواب في الآخرة.
ويجب أن لا ننسى دور الأم في تربية الأبناء على التقوى والصلاح فتربية الأبناء مسؤولية مشتركة بين الأم والأب. ولكن يعظم دور الأمر في تربية الأبناء لأنها تقضي وقتاً أطول معهم.
شكرا
بواسطة
فاطمة